الجمعة، 7 مايو 2010

لأن البيت أجمل من طريق البيت



كنت على سفر في رحلة قصيرة لم تستغرق أكثر من ثلاثة أيام ، ورغم ذلك كنت أحن بشدة إلى المنزل ، إلى غرفتي الصغيرة ، إلى الرسومات التي علقتها فوق حوائطها الأربع ، إلى الشارع الذي تطل عليه نافذتي ، إلى أحاديث العائلة التافهة حين نجتمع ليلاً ، إلى أبي وأمي ، وإلى أميرة وأحمد ، حتى في أوقات سعادتي وأنا بعيدة .. كان هناك حنين حقيقي لكل التفاصيل الصغيرة وغير الهامة التي تتناثر في يومي هنا

حين عدت ، لم أجد ميدالية المفاتيح الخاصة بي والتي أمتلكها منذ خمس سنوات ، والتي تركتها فوق المكتبة قبل السفر ، ميدالية معلق بها عروسة صغيرة ويوجد بها العديد من المفاتيح التي أحتفظ بها منذ سنوات ، بعضها لأدراجٍ لم يعد في متناولي فتحها ، ولكن احتفاظي بكل شيء كان ناتجاً عن هوس بكل التفاصيل والذكريات التي تنثر في حياتي ببطء

كنت أشعر بالخوف من ألا أجدها ، بحثت في كل شبر من الغرفة ثم المنزل ، كنت أشعر بأن شيء مني سيفقد ، وجدتها في النهاية .. وشعرت أن شيء مني قد استرد

هكذا أنا ، أندمج مع تفاصيل حياتي درجة التطابق ، أؤمن دوماً بأن الأشياء التي تظل معنا وقت طويل تصبغ بجزء من روحنا ، أحتفظ بموبايلي القديم الذي اشتريته منذ ست سنوات ، بكل رسائله وأرقامه وحالته الرثة ، ولم أتخل عنه إلا حين استعصى على الإصلاح واحتفظت به في درجي ، باهتمام حقيقي لألا يتحول إلى "خردة قديمة" ، لأن رسائله والساعات التي تحدثتها به لا تجعله أبداً كذلك

لازلت أحتفظ بعملة ورقية أعطاها لي مدرسي كجائزة تفوق على فصلي حين كنت في إبتدائي ، لازلت أزين غرفتي بالعراريس التي امتلكتها في الطفولة ، لازلت أملك كراريس التعبير على مر السنوات وأسعد كثيراً حين أقرأ فيها كل فترة وأدرك كيف أصير أنضج ، لازلت محتفظة بوردة أعطاها لي صبياً – حين كنت صبية – ولم أره منذ سبع سنوات ، لازلت أضع ألعاب الطفولة فوق الدولاب وأزور علبتها بين حين وآخر ، لازلت أسعد بالجوابات بيني وبين ريم حين سافرت في منحة دراسية لعدة أشهر وأصونها في صندوق خشبي أفتحه أحياناً حين أكون حزينة .. فأبتسم دائماً ، لازلت أملك القصاصات الصغيرة التي أكتبها لأميرة أو تكتبها لي صباحاً لنذكر بعضنا بشيء أو حتى لمجرد إلقاء الصباح ليصير اليوم أجمل ، الأجندات التي كتبت فيها ذكرياتي ، الكتب والهدايا التي أهديت إلي ، صور الطفولة والصبا مع إناس رحلوا ولكن بقوا جزء من رحلتي ، لازال لدي كل شيء

التفاصيل هي التي تصنع قيمة الأشياء ، ومع الوقت نعطيها جزء من روحنا ، فلا تصبح مجرد أشياء ، تصير بعض منا

لذلك أحب السفر ولكني أحن إلى البيت ، أكره الغربة والبعد ، أفضل البقاء هنا .. بين أشيائي وتفاصيلي .. حيث أسكنت روحي

هناك 13 تعليقًا:

  1. اول زيارة ليا فى المدونة

    التفاصيل هي التي تصنع قيمة الأشياء ، ومع الوقت نعطيها جزء من روحنا ، فلا تصبح مجرد أشياء ، تصير بعض منا

    شوفى حياتنا عباره عن مجموعه تفاصيل داخلها تفاصيل
    جواها أشخاص صنعوا كللللللل التفاصيل
    فهمانى ؟

    مش عارفةاترجملك اللى حساة بس البوست حقيقى راقى حد الجمال

    تحياتى

    ردحذف
  2. التفاصيل والحاجات

    على قد مابتخلى الدنيا مميزة أوى..ومبهرة اوى

    على قد ما بتكون مؤلمة وبتتحول لكراكيب فى الروح

    خط رفيع بيفصل بين المنطقتين دول

    خدى بالك..إستمتعى بها قبل ان تتعلقى بمجرد وجودها

    ردحذف
  3. انها حالة شهيرة تتسم بالتعلق بالأشياء .. لا من أجل الأشياء نفسها بل لأجل الذكريات التي تجلبها لنا من خلالها

    وكما أحبب أن أكرر دائما:

    إن الحياة حب وذكرى
    فإن ضاع الحب .. لقيت الذكرى

    ردحذف
  4. غير معرف3:06 م

    "لازلت أسعد بالجوابات بيني وبين ريم حين سافرت في منحة دراسية لعدة أشهر وأصونها في صندوق خشبي أفتحه أحياناً حين أكون حزينة .. فأبتسم دائماً"

    يالهوي
    عينيا دمعت أوي لما قريت الحتة دي

    وأنا كمان والله يا أميمة ، لسه شايلاهم جواب جواب ، وكتير برجعلهم وأفرح وأضحك وأبتسم وعيني تدمع وأروح طوالي مكلماكي في التليفون :)

    ربنا يخليكي ليا وميحرمنيش منك أبداً يا صاحبة عمري

    ردحذف
  5. سهر :

    يا رب متكونش آخر زيارة :)

    فهماكي جداً طبعاً ، تفاصيل مربوطة بأشخاص ، وأشخاص بقوا مهمين في حياتنا عشان التفاصيل اللي نثروها فيها ، مفيش حاجة تنفع من غير التانية

    نورتيني جداً

    ردحذف
  6. مي :

    لونك مش عاجبني يا فسواني :))

    ربنا يحمينا من كراكيب الروح ، ويبقي ع الحاجات والتفاصيل مميزة ومبهرة .. بطاقتها الأولى

    انتي كمان استمتعي بيها ، ولو راحت استمتعي بخلق تفاصيل غيرها

    ردحذف
  7. أستاذ أحمد :

    ربما من الممكن أن يبقى الحب وتزيده الذكرى قوة وعمق :)

    شرفتني ونورتني جداً

    ردحذف
  8. ريم :

    انتي عارفة إنك أكتر واحدة ليها في حياتي تفاصيل ، انتي عارفة إن حاجات كتير حلوة ابتدت من تفاصيلك

    وميحرمنيش منك أبداً يا ريم :)

    ردحذف
  9. ذاك الشجن والحنين .. والألفة الناجمة والتعلق بالاشياء.. يجعل النفس أكثر دفئا وروحا واتصالاً...
    نعم بل اني كنت ازعم احياناً ان الأشياء تعرفني وتتعامل معي وتغضب حين اغادرها وتحن الي تماما كما احن اليها..
    ولعلي اذكر قولاص منسوباً للنب يمحمد صلى الله عليه وسلم: يقول فيه " أحد جبل يحبنا ونحبه.. فهو يتعامل مع الجبل وكأنه يعي من يقف عليه...
    دمت بكل ود...
    خالص تحياتي

    ردحذف
  10. التفاصيل هي التي تصنع قيمة الأشياء ، ومع الوقت نعطيها جزء من روحنا ، فلا تصبح مجرد أشياء ، تصير بعض منا


    و لا تعليق بعد ذلك ....

    ردحذف
  11. انا مليت من السفر

    ردحذف
  12. غير معرف4:22 ص

    ثقافة الهزيمة .. مغامرات البقرة الضاحكة

    ما قصة لوسي أرتين؟
    ـ لوسي أرتين كانت علي علاقة بالرئيس مبارك والعلاقة بدأت عن طريق زكريا عزمي وجمال عبدالعزيز، و كان فيه رجل أعمال مشهور بيحب يعرف مبارك علي فتيات من دول شرق أوروبا وحسين سالم كان متولي دول غرب أوروبا.

    هل قصر الرئاسة كان يدار بهذه الطريقة؟
    - القصر كان يدار بالسفالة والأسافين والنقار والقمار والنسوان وقلة الأدب ودا كل اللي كان شغلهم ومصلحة البلد بعدين.

    هي سوزان كانت بتحس بالغلط اللي كان بيعمله الرئيس؟
    - هي كانت مقهورة من اللي بتشوفه والنسوان داخلة طالعة قدامها واللي جايين من أوروبا الشرقية وأوروبا الغربية ومش قادرة تتكلم وبتبكي علي طول بسبب اللي بتشوفه وأحيانا كنت بأصبرها وأقولها مصر مافيهاش غير سيدة أولي واحدة، بس بعدها قرر الرئيس أن ينقل جلساته الخاصة في شرم الشيخ وبرج العرب.

    ھل تزوج علیھا؟
    -لا ھو مش محتاج یتجوز .. البركة في زكریا عزمي وجمال عبدالعزیز...

    …باقى المقال ضمن مجموعة مقالات الهزيمة ( بقلم غريب المنسى ) بالرابط التالى

    www.ouregypt.us

    ردحذف